رام الله المحتلة - خاص شبكة قُدس: ناقشت الحلقة الجديدة من برنامج المسار الذي يبث عبر شبكة قدس الإخبارية، توجهات السلطة الفلسطينية لحل أزمتها المالية الناتجة عن واقع سياسي اقتصادي يراكم أزماته بشكل مستمر، وهذه الأزمة المالية أو إدارة الأزمة المالية لها مظاهر كثيرة تتعدى خصم الاقتطاع من رواتب الموظفين العموميين.
وحينما تبرز الأزمات المالية لدى السلطة المرتبطة بشكل أساسي بالاحتلال أو بتراجع المساعدات الخارجية، تبدأ الحكومة الحديث عن الإنفاق وخطط إصلاحية جديدة، التي أول ما تطال ملف الرواتب والأجور والتي نمت بشكل كبير في السنوات الأخيرة.
يقول فراس جابر، الباحث في مؤسسة المرصد وعضو ائتلاف عدالة، إن حجم العيوب في الموازنة العامة للسلطة واضح، خاصة وأن بعض مراكز الصرف في الموازنة العامة غير واضحة.
وأضاف جابر، أن الموازنة في عام 2001 كانت تصل إلى مليار واحد، وتطورت حتى وصلت في بعض السنوات إلى خمسة أضعاف ونصف. معتبرا أن هذا التضخم الهائل كان مدفوعا بعدة أسباب أهمها حجم التمويل الخارجي الذي وصل إلى 1.4 مليار في بعض السنوات، ثم انخفض بشكل كبير مؤخرا ووصل إلى عدد محدود جدا.
وأوضح، أن الموازنة في السنوات الأخيرة، تعتمد بشكل أساسي على ال الضرائب التي تتم جبايتها من الأهالي، بالإضافة إلى الجمارك.
وبحسب جابر، فإن تطور الموازنة لم يراع تطور الاقتصاد الفلسطيني بشكل يتيح له الإنفاق على الموازنة بشكل مستدام، وما يحدث أننا نعتمد في الموازنة على جباية الضرائب والجمارك وهو ما يشكل عبئا على الأهالي، وهناك تضخم في الموازنة وتضخم في أعداد الموظفين الذين وصل عددهم إلى أكثر من 210 ألف موظف في الضفة وغزة، ليس لاعتبارات لها علاقة بالصالح العام.
ويرى الباحث جابر، أن هناك حالة من التناقض السياساتي في تصريحات الحكومة من حيث إجراءات التقشف والصرف المكلف على الموازنة، كما وتم تعديل أحيانا أرقام ومؤشرات الناتج القومي الفلسطيني حتى تناسب الدين العام والموازنة، وتضخيمها حتى تكون أعلى من الواقعي، تمت دون أي رقابة، وفي ظل غياب المجلس التشريعي.
من جانبه قال الخبير الاقتصادي نصر عبد الكريم، إن الأسباب التي تشير لها وزارة المالية إلى حد ما مقبولة، ولكن الأزمة في جوهرها ليست نتيجة تراجع المساعدات الدولية وأزمة المقاصة مع الاحتلال رغم أهميتها وجوهريتها، وإنما في إشكالية إدارة المال العام، وهذا أدى إلى الاستسهال في الانفاق وهذه إشكالية كبرى، وربما مراكز الإنفاق ليست ذات ضرورة أو أهمية، وبالتالي الإنفاق للنمو محدود جدا.
وأضاف: قبل انتفاضة الأقصى كان لدينا فائض في الموازنة وبعد ذلك بدأت قواعد جديدة في العلاقات مع الاحتلال والعلاقات الداخلية وكلها تعقيدات أدت إلى أن أصبح المال يشكل أحد أهم العوامل التي تساعد في تشكيل المجتمع الفلسطيني، وبكل بساطة هناك عجز مستمر، والعجز بترجم لدين عام.
وحول خطة الإصلاح المالي، قال: عند محاولة حل الأزمة والحد من العجز نذهب ربما لإصلاحات لا تشكل أولوية لأن ذلك لم يجر عليه حوار، وبالتالي هناك إقرار بوجود خلل ما، ولا يمكن أن تكون هناك خطة إصلاح تتداول حقوق الموظفين والفئات الضعيفة فقط وخفض الرواتب، بالتالي النقاش يجب أن لا يكون حول جدوى الإصلاح، وإنما يجب أن يكون كيف يتم الإصلاح وأولوياته، ولا يجب استسهال الإصلاح كما استسهلنا الأنفاق.
وأردف: هناك فشل حكومي في إدارة المال والشأن العام، دون وجود أي شكل رقابي أو مساءلة، وهناك تحولات يجب أن تتم على الموازنة، بطريقة تحقق قيما اقتصادية وتخفف من معادلة الفقر التي هي خارج أي معادلة حكومية.
وقال سمير عبدالله، الباحث في معهد ماس، إن الاقتصاد الفلسطيني أصبح في حالة ركود بسبب عجز الاستثمارات التي كانت في البداية من المانحين وتحولت إلى دعم الموازنة ولم تكن كافية لخلق مالية مستدامة لدى السلطة.
وأضاف: هناك سوء إدارة للمال العام، ووجود خطة للإصلاح المالي يفترض أن تعالج خللا هيكليا في السلطة الفلسطينية وبنيتها الحكومية التي تتحكم في الموازنة، والتغيير في الموازنة يلحق تركيبة السلطة في المؤسسات التي تخلقها في ظل وجود عشوائية في التوظيف ووجود أعداد أكبر من اللازم وتوظيف سياسي لا داع له خاصة بعد انتفاضة 2000.
ورأى، أن الإيرادات العامة لا تكفي لسد حاجة الرواتب، والإصلاح المالي ضرورة، ويجب أن يكون هناك تكريم لدافعي الضرائب لرؤية أين تذهب وعلى ماذا تصرف.